اللغة والثقافة :
في البداية دعني أقول أنه ليس هناك ما هو أهم من اللغة في تطوير الثقافة الإنسانية وهى ثقافة أصبحت بالغة التعقيد في الزمن الحاضر بهذه اللغة تمكن بني البشر من استخدام الرموز وتطوير لخلق معان للحياة ، وذلك يعني ، أن أصحاب اللغة تمكنوا من إبداء النعم ومن نقل المعاني عبر الأصوات و ترتيبات الأصوات إلى كلمات وجمل . وبعدئذ صار من الممكن تعليم العديد من الحيوانات أن يستجيبوا إلى اللغة ، ولكن فقط في صورة إشارات أو أصوات وليس كرموز حقيقة .
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه يمكن تعليم قرد الشمبانزي أن يستخدم عددا محددا من الرموز في استجابة إلى أصوات وإيماءات معينة ؛ لكن بني البشر فقط هم الذين يمكنهم الاتصال ببعضهم البعض باستخدام لغة نظامية . كل الثقافات الإنسانية تعتمد على اللغة ، وكل اللغات البشرية ، حتى لغات تلك الشعوب غير المتعلمة ، هي لغات معقدة بدرجة كافية لأن تقوم بنقل الثقافة الإنسانية باعتبارها كلا متكاملا . وكذلك الأمر فإن أي كانت لغة هي مرنة ومطاوعة بدرجة كافية لكي تتمدد في مفرداتها وتراكيبها كلما صارت ثقافة المجتمع أكثر تعقيدا .
يكتسب الأطفال ثقافة مجتمعهم اكتسابا رئيسيا عن طريق اللغة . ومع ذلك ، فإن اللغة والثقافة ليستا ذات علاقة بتركيب الجينات أو الجنس البشري ، فمثلا لو تربى طفل عربي في عائلة من أمريكا الشمالية ( الولايات المتحدة ) أو كندا فهو سوف يكتسب ويتعلم و يتكلم نمط اللغة الإنجليزية لأمريكا الشمالية أو كندا بحسب الحالة ، وسوف يتصرف اجتماعيا وثقافيا مثلما يتصرف طفل شمال أمريكي أو كندي بحسب الحالة أيضا . هذا الأمر يؤدي بنا إلى القول بأنه يمكن لأي شخص من أي جنس بشري أو نوع بيولوجي ، أن يتعلم لغة ما إذا ما عاش في كنفها ، وبواسطة هذه اللغة يمكن أن يحقق الثقافة الإنسانية لتلك اللغة وأهلها .
تباينات الثقافية :
تتباين الثقافات الإنسانية تباينا واسعا في الأرض بل ويصل الاختلاف إلى أبعد حد بفعل عوامل إقليمية وجغرافية ودينية وطبقية . هناك تباين كبير بين مجتمعات وثقافات غابات الأمازون أو أواسط إفريقيا فتلك مجتمعات ما زالت بدائية ، وبين مجتمعات أخرى تتمتع بثقافات متحضرة بفعل التعليم مثل مجتمعات حوض البحر الأبيض المتوسط ، ثم هناك مجتمعات أكثر تعلما وتقنية و تحضرا مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا واليابان .
تباين هذه المفاهيم الثقافية يبدو لنا واضحا جليا في صورة عادات ومعتقدات اجتماعية يكون لها أحيانا صفة وبعد ديني ففي بعض المجتمعات عادة ما يمارس الناس أحادية الزواج ( شريك أو شريكة عمر واحد أو واحدة كما في الزواج المسيحي الكاثوليكي ) هذه العادة تم حمايتها بنظم وقوانين صارمة وضعتها الدولة وأشرفت عليها وعملت على حمايتها مثلما الأمر في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبقية أوروبا ؛ وهناك مجتمعات أخرى توجد فيها ثنائية الزواج ( زوجان لامرأة واحدة في نفس الوقت ) وهذا الأمر موجود في بعض دول أمريكا اللاتينية ، وفي حالة ثالثة توجد مجتمعات تجيز وتمارس تعددية الزواج ( عدة زوجات ) ، كما في المجتمعات الإسلامية سواء عربية كالسعودية وغيرها ، أو إسلامية غير عربية مثل الباكستان وبنغلادش و أفغانستان وغيرهم .
وعلى ذكر الزوج والزوجات نقول أنه في بعض الثقافات يكثر التندر على أم الزوجة ويكون إطلاق النكات عليها أمرا شائعا وهذا الحال متوافر في الثقافة العربية خاصة في مصر وبر الشام . في بعض المجتمعات يعتبر الأب قوي الشخصية إذا كان يتصرف كالطاغية مع أفراد أسرته . وفي مجتمعات أخرى يعتبر الأب جيدا إذا كان حاميا للأسرة ومتسامحا معها . والحالين متوافرين في ثقافة العرب المعاصرة وتحكم هذه الأمور ضوابط البيئة والمناخ العام للأسرة ونسبة التعليم فيها وما إلى ذلك .
ورغم التباين الهائل بين الثقافات الإنسانية حول العالم ، إلا أن هناك عموميات محددة موجودة في كل المجتمعات ، وهى تعكس ردود أفعال أساسية عن حاجات بني البشر . هذه العموميات تتضمن وسائل أولية للعيش والبقاء - وعلى سبيل المثال كما وسبق أن ذكرنا ، الصيد، والزراعة ، والصناعة . يشكل بعض هذه العموميات للأسرة الأولية ؛ نظام من القربى ؛ مجموعة من قواعد السلوك الاجتماعي ؛ الدين ؛ ثقافة مادية ( أدوات ، وأسلحة ، وملابس ) و أنماط من الفن ؛ والعديد من المؤسسات الأخرى التي تشير إلى التوجهات العامة في كل المجتمعات الإنسانية في اتجاه بيئات طبيعية متباينة . وشكرا لمتابعة الموضوع واتمنى افادتكم وافادتى بتعليقاتكم وملاحظتكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق