Translate

1

1
1

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تكنولوجيا

 إن مشكلة التقدم التكنولوجي للجهات التي مازالت تشكو من نقص في التنمية لايمكن حلها جذريا باسترداد التقنيات الأجنبية أو إدخال العلوم التطبيقية 
الجاهزة - على عجل- بشكل من الأشكال . فلا يمكن للتقدم أن يتحقق بصورة
جذرية إلا بالابداع والدعم ، حسب سياق ينمو داخليا في قلب الحقيقة الإنسانية للمجتمعات المعنية من الوجهتين الثقافية والإجتماعية للعلم .
إن الأمر الأساس الذي يجب التركيز عليه هو أن العلم والتقنية الجديدة كلاهما من المكونات العضوية في الثقافة . وهما لا يصبحان مرتبطين اجتماعيا ومنتجين اقتصاديا إلا إذا تم دمجهما في البيئة الثقافية التي يعملان فيها ، وبذلك يصيران ظاهرة ديناميكية تستحث التجديد والإبداع .
ونفهم من هذا أن أكبر كذبة هي ما يسمى بنقل العلوم والتكنولوجيا ، ليس هناك شيئ يمكن تسميته بنقل التكنولوجيا ، فمجرد استيراد المنتج التكنولوجي ، فضلا عن استيراد الفنيين للسهر على تشغيله وصيانته ، ليس بحال استيرادا للتكنولوجيا . فما يتم نقله تحت غشاء هذا المصطلح نقل التكنولوجيا هوا مجرد مواد عفى عليها الزمن وبأثمنة لا مبرر لها ، أما التمكن من التكنولوجيا فهوا نتيجة عمل وبحث وإبداع ذاتي ، وذلك مسار يستحيل بيعه أو شراؤه ، ولا سبيل إلى الوصول إليه إلا باكتساب المعرفة وتنشيط الابتكار .
إن العلم أو التقنية لايمكن نقلهما ، لأنهما نتاج نسق ثقافي ؛ فالقيم الثقافية هي التي تحدد الفكر العلمي والإبداع والابتكار . فالعلم والتكنولوجيا ليسا المحركين الأولين للتغيير الاجتماعي بل القيم الثقافية عي المحرك الأساس ، وهي التي تجعل التغيير ميسورا من خلال تمكين الأفراد من استيعاب العلم والتكنولوجيا . وهذا ما أسميه بانتهار العلم والثقافة 
ولهذا نجد أن اليابانيين بالرغم مما يشاع عنهم لم ينقلوا التكنولوجيا . إن اليابانيين سلكوا في استيراد التكنولوجيا مسلكا فريدا بحيث اتجهوا إلى تحليل المواد المستوردة بهدف فهم آلياتها وكيفيه عملها بقصد فهم مل جزء من جزئياتها ، وإعادة تركيبها وفق مقاييس وأذواق مغايرة ، ففي التركيب الجديد نجد أن هناك إبداعا يابانيا ينسجم مع القيم المجتمعية ومع الخصوصية اليابانية وفق ذوق الإنسان الياباني في الحياة . فهناك إذن إبداع ذاتي ، وبدون هذا الإبداع الذاتي لايمكن التحدث عن التكنولوجيا .
هناك عامل أخر في الإبداع التكنولوجيا هوا العامل السياسي والإدارة السياسية . إن العامل الأساس في نجاح الإبداع التكنولوجي هو توفير الإرادة السياسية وتوفير جو الحرية لأصحاب المواهب العلمية والفنية ، وهذا يتطلب بطبيعة الحال احترام الإنسان .
ووجود العنصر البشري المتوفر على القدرات الفنية والعلمية العالية شرط ضروري في نجاح العملية الإبداعية ، وهذا الشرط لنوفر في عالمنا الغربي والإسلامي ، خاصة إذا علمنا أن كبار المتخصصين في المراكز العلمية والتكنولوجية في العالم الغربي هم عرب مسلمون ، ولكن غياب الحقوق والحريات العامة وغياب احترام الإنسان ، كل ذاك حرم العالم المتخلف من الاستفادة من طاقاته الذاتية وأصبح يعيش حالة نزيف مستمر لأدمغته وذوي القدرات فيه .
وشكرا للمتابعة الموضوع وفى انتظار تعليقاتكم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق