في العادة تكون منطقة الثقافة إقليما جغرافي يعيش فيه سكان يشتركون في سمات ثقافية متشابهة ، وأنماط من البيئة الثقافية ، وطرائق حياة متماثلة . السمات الثقافية تتضمن أي شيء له شكل مادي ، ووظيفة معلومة ، وقيمة متعارف عليها عند المجموعة الثقافية الواحدة . هذا ويمكن تصنيف أنماط السلوك الثقافي باعتبارها مؤسسات اجتماعية تمتلك كل وسائل التحكم في المجتمع ، وتمتلك ما يحكم التفاعل الداخلي بين أعضائها ؛ وهى مؤسسات أيديولوجية تتضمن كلية المعرفة والمعتقد الذي تشترك فيه الثقافة ووسائلها بغرض الاتصال ؛ وهى مؤسسات تقنية تتضمن كل الأدوات والمهارات والقدرات التكنولوجية ؛ وهى التوجهات الراسخة ، والعواطف ، والمفاهيم التي تتضافر لتؤثر على السلوك الإنساني .لا يعمل أي من هذه العوامل منفردا ؛ بل على العكس ، حيث يؤثر كل واحد منها على العوامل الأخرى في مثيلها من المؤسسات الثقافية العالمية مثل مؤسسة الدين ، والنظم السياسية والاقتصادية ، وتلك الوسائل التي يحاول المجتمع بها أن يحافظ على الاستقرار الداخلي ، ويدافع بها عن نفسه ضد التهديدات الحقيقية أو المتوقعة ، ويبقي على ذاته باستخدامه مصادر بيئية مادية . ترتبط البيئة الثقافية بالعلاقة الجلية التي تفرزها الثقافة ، مع البيئة الطبيعية المحيطة بالثقافة . وتتباين عناصر الأرض في طبيعتها ، ووفرتها ، وطرق الوصول إليها ، وتوزيعها الجغرافي ، ومثل ذلك تماما تكون أهمية هذه العناصر لكل ثقافة ، وتكون هذه الأهمية نسبية بطبيعة الحال . وبمجرد أن يتم التعرف على عناصر بيئية مفيدة أو قيمة تصبح هذه العناصر مصدرا طبيعيا .
وتصبح المجتمعات الإنسانية بقيادة أنظمتها الثقافية عوامل بيئية فاعلة . وبما أن المجتمعات الإنسانية تستخدم وتعدل عاداتها بوسائل ثقافية متباينة ، فمن الممكن أن تبرز أنماط واضحة ذات طابع ثقافي مميز ، ومن بين هذه الأنماط المرئية نماذج تقسيم الأرض واستخدامها ، والاستيطان ، والتنقل بوسائل مواصلات ، و استغلال المصادر ، وفن العمران ، وزراعة النباتات وتربية الحيوانات ، وتطبيق القيم الأخلاقية .
قام علماء انثروبيولوجيا وجغرافيون وعلماء اجتماع آخرين باستخدام مفهوم منطقة الثقافة ( جغرافية الثقافة ) كوسيلة للتعرف على ، وتصنيف ، وفهم أفضل للثقافة الإنسانية في بعد مكاني معروف . ورغم أن ثمة محاولات تمت للتعرف على منطقة الثقافة على مستوى كوني ، إلا أن معظم الأدباء ينوون أن يعرفوا منطقة الثقافة في إطار عالمي ، أو ربما في إطار أصغر ، في أقاليم جغرافية . وبسبب الاختلاف الكبير في الممارسة الثقافية في كل العالم ، فانه غالبا ما يختلف الأدباء على العدد والتوزيع المكاني الدقيق لمنطقة الثقافة . تم تعريف المناطق الأساسية للثقافة على أنها مجموع متشابك من السمات التي تتطور تطورا كاملا ، وهى منفصلة الواحدة عن الأخرى بمناطق انتقالية للاختلاط الثقافي ( التوزيع الإقليمي للثقافة ) .
في أبسط أوليات مناطق الثقافة يمكن تعريف واقع الثقافة في إرهاصاته الأولى ، ومن ثم في مراحله الثانية ، وغالبا الثالثة . منطقة الثقافة الأوروبية ، على سبيل المثال ، يمكن أن تقسم بسهولة إلى ما لا يقل عن ثلاثة مناطق ثقافية فرعية وهى : البحر المتوسط ، والشمال الغربي ، والشمال الشرقي ، وكل واحدة منها له أحزمة محيطة انتقالية . ويمكن عمل تمايز ثقافي إضافي على أساس العرق ( القومية ) وعلى أساس الكتل اللغوية التي توجد في كل مكان . وربما أن أوروبا أفضل من أي إقليم رئيسي آخر في تبسيط مفهوم الدولة / الأمة ؛ معظم الدول الأوروبية تحمل اسم اللغة المهيمنة أو المجموع العرقي السائد ، فعلى سبيل المثال ، إنجلترا إنجليز ، وفنلندا فنلنديون ، وفرنسا فرنسيون .
الحواجز الثقافية غالبا تتصادف مع الحواجز الطبيعية التي تفصل بين السكان البشريين . هذه الموانع هي أجسام من المياه ، وسلاسل جبال ، و صحاري ، وأراض وممتدة واسعة غير مأهولة . والحواجز الاجتماعية ، والسياسية ، والدينية ، والحواجز التاريخية يمكن أن تحفظ أيضا ، ليس بالموانع الطبيعية ولكن بشكل منفرد على أساس الالتصاق القوي من مجموعة واحدة أو من كل المجموعتين من أجل طريقة تقليدية في الحياة .
منذ القرن السادس عشر تغير التمدد الكوني للثقافة الأوروبية ، إذا لم تكن تلك الثقافة قد مسحت العديد من الأنماط الثقافية القومية وريفها . في الأمريكيتين ، على سبيل المثال ، يصعب أن تجد أمثلة لم تتغير من ثقافة السكان الأصليين ؛ بل لأكثر مرارة أن الثقافات الأوروبية والايبيرية ( ثقافة إسبانيا والبرتغال ) تهيمن على الثقافة الأم . و مع وسائل النقل ووسائل الاتصال المتطورة ، والتعليم الرسمي ، والتجارة ، والنشاط العسكري ، وجهود دعاة التبشير ، وبرامج المساعدات ، تم تسهيل الهجرة المباشرة ، ظهرت نماذج غير مباشرة من الانتشار الثقافي ، وقد ساهمت كل هذه المؤثرات الهائلة في تغيير الممارسات الثقافية التقليدية في معظم أنحاء العالم تقريبا .اتمنى افادتكم وافادتى من تعليقاتكم وشكرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق