Translate

1

1
1

بحث هذه المدونة الإلكترونية

28 فبراير 2014

التنميه الاقتصاديه,والبشريه

للتنميه مفاهيم عدة ، تختلف هذه المفاهيم باختلاف المجال الذي تنشده التنمية ، فهناك مفهوم خاص ب ( التنمية الاقتصادية ) ، يهتم بإحداث تغييرات اقتصادية تساعد على إكساب المجتمع القدرة على إشباع حاجاته الأساسية ( الفسيولوجية ) ؛ من مأكل ، ومشرب ، ومسكن ، تتبعها مراحل أخرى تصل بهذا المجتمع إلى درجات متزايدة من الرفاهية ، وذلك عن طريق الترشيد اليقظ والمستمر في استغلال هذا المجتمع لثرواته البشرية ، وموارده الاقتصادية المتاحة .
وهناك مفاهيم خاصة ب ( التنمية السياسية ) ، و ( التنمية الثقافية ) ، و ( التنمية الاجتماعية ) .. وغيرها .
وما يهمنا في هذا المقام هو مفهوم ( التنمية البشرية ) ؛ حيث اهتم هذا المفهوم بدعم القدرات الخاصة بالفرد الذي يتكون منه المجتمع ، وقياس درجة مستوى معيشة هذا الفرد ، ومدى تحسن أوضاعه المعيشية في المجتمع الذي ينتمي إليه .
وبالنظر إلى مفهوم التنمية البشرية - كما ذكرنا - نجده أكثر شمولا عن مفهوم التنمية البشرية الذي سيطر على فكر الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي ( القرن العشرين ) ، والمفهوم القديم للتنمية البشرية كان مقتصرا على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية ( فسيولوجية ) ، أي : كلما استطاع الفرد أن يحصل على المزيد من تلك السلع والخدمات ؛ كلما ارتفع مستوى معيشته ؛ ومن ثم زادت رفاهيته ، وهنا تتحقق التنمية البشرية .
إلا أنه مع توسيع مفهوم التنمية ليشمل العديد من النواحي النفسية ( السيكولوجية ) مثل : الغايات والأهداف الخاصة بالفرد ، والتي يحقق معها ذاته وطموحاته . إلخ ، إضافة إلى الأهداف الاقتصادية ، مما أدى إلى تغيير مفهوم التنمية البشرية من مجرد إشباع النواحي الفسيولوجية للفرد - كدليل على وصوله إلى مستوى معيشي كريم - إلى مفهوم التنمية البشرية الأوسع ، والذي يرتبط بجودة حياة الفرد ، بإشباع حاجاته الفسيولوجية والسيكولوجية معا ؛ وليس حياته الفسيولوجية فقط .
وقد أخذت الأمم المتحدة على عاتقها إبراز مفهوم التنمية البشرية ، وذلك منذ العام 1990 م ؛ حين نادت ب ( برنامج الأمم المتحدة للإنماء ) ، وخصصت له تقريرا سنويا .
ويرجع الاهتمام العالمي بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأية دولة ، ولأي أمة ، وكلما تمكنت الأمة من الحفاظ على ثروتها البشرية ، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر ، لإكسابها القدرة على التعامل مع الجديد الذي يظهر على الساحة الدولية بين الحين والآخر ؛ كلما تقدمت هذه الأمة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بين الأمم الأخرى .
فالتنمية البشرية تهدف إلى توسيع مدارك الفرد ، وإيجاد المزيد من الخيارات المتاحة أمامه ، كما تهدف إلى تحسين المستويات الصحية ، والثقافية ، والاجتماعية ، وتطوير معارف ومهارات الفرد ، فضلا على توفير فرص الإبداع ، واحترام الذات ، وضمان الحقوق الإنسانية ، وضمان مشاركاته الإيجابية في جميع مناحي الحياة .
فالاستثمار في تنمية الموارد البشرية أمر هام وضروري ، لما للموارد البشرية من أهمية قصوى ؛ فهي الثروة الحقيقية والرئيسة للأمم ، والأمم المتقدمة أيقنت تلك الحقيقة ؛ فأحسنت التخطيط الاستراتيجي ، ونفذت برامج محددة لتنمية هذه الثروة البشرية على مدار عقود من الزمان ، ونجحت فيما خططت ونفذت ، وها هي اليابان خير شاهد على نجاح الاستثمار ، وها هي الصين - صاحبة المليار ونصف المليار من البشر - تخطو بخطى ثابتة ومدروسة نحو قيادة العالم ، من خلال هذه الثروة البشرية الهائلة ، التي جعلت منها ميزة تميزها عن سائر الأمم ، ولم تجعل منها عبئا ثقيلا أو شماعة تلقي عليها فشلها كما تفعل كثير من حكومات العالم الثالث أو العالم النامي - كما يسمونه .
إن الموارد الطبيعية والأموال المتوافرة لدولة ما - رغم أهميتهما وضرورتهما الكبرى - لا يغنيان أبدا عن العنصر البشري الكفء ، والماهر ، والفعال ، والمدرب ، والمعد إعدادا جيدا مبنيا على أسس علمية دقيقة ، وهذه حقيقة راسخة على مر العصور والأزمان ، فالأموال والموارد الطبيعية لا ينتجان منتجا بذاتهما ، فالبشر - بخصائصهم التي خلقهم الله - سبحانه وتعالى - عليها - هم القادرون على استخدام هذه الموارد - بنسب متفاوتة من حيث الكفاءة والفعالية - في العمليات الإنتاجية ، للحصول السلع والخدمات التي تعمل على تحقيق أقصى إشباع ممكن للحاجات الفسيولوجية للفرد ، بهدف الوصول إلى تحقيق الرفاهية أو الحياة الكريمة للفرد والمجتمع ؛ ومن ثم التقدم الاقتصادي للدولة ، وللاقتصاد العالمي ككل .
فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على التجديد ، والإبداع ، والاختراع ، والابتكار ، والتطوير ، يمكنه أن يتغلب على ندرة الموارد الطبيعية ، وألا يجعلها عائقا نحو النمو والتقدم ، عن طريق الاستغلال الأفضل - إن لم يكن الأمثل - لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية ، فضلا عن الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والاستثمارات المتاحة .
ومما ذكرنا : يتبين لنا أهمية العنصر البشري ؛ والذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة في كافة المجالات الاقتصادية ، والثقافية ، والاجتماعية ...
و الدولة التي لا تستطيع - أو تعجز عن - تنمية مواردها البشرية لا يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها المخططة والمأمولة ، مهما ابتكرت من وسائل ، وإنما يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها عن طريق تضافر جميع عناصر الإنتاج : ( الأرض ، والعمل ، ورأس المال ، والإدارة ) .
ونلاحظ : أن العنصر البشري بما حباه الله - سبحانه - من عقل وطاقات وجهد بشري يمثل عنصرين من عناصر الإنتاج ، وهذا التضافر يؤدي بلا ريب إلى التطور والتقدم المنشود ، واستغلال الموارد الطبيعية المتاحة الاستغلال الأمثل ، وفتح الأسواق ، والقيام بعمليات التبادل التجاري ... إلخ ، فهناك دول تمتلك موارد بسيطة ، ومع ذلك فهي دول متطورة ، مثل اليابان - كما ذكرنا سابقا .
وقبل أن نوضح دور تحليل الوظائف والتدريب في رفع الكفاءة الإنتاجية للأفراد المكونين للعمالة البشرية ، أود أن أتطرق للحديث - بإيجاز - عن : ماهية الإنتاجية ، أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد ( العامل ) ، والشركة أو المنظمة ، والاقتصاد الوطني ، والمجتمع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق